الثلاثاء، 7 سبتمبر 2010

ما هي الفلسفة ؟

الفلسفة كلمة مشتقة من اللفظ اليوناني فيلوصوفيا (بالإغريقية: φιλοσοφία)، بمعنى محبة الحكمة أو طلب المعرفة. وعلى الرغم من هذا المعنى الأصلي، فإنه يبقى من الصعب جدا تحديد مدلول الفلسفة بدقة. لكنها، بشكل عام، تشير إلى نشاط إنساني قديم جدا يتعلق بممارسة نظرية أو عملية عرفت بشكل أو آخر في مختلف المجتمعات والثقافات البشرية منذ أعرق العصور.
وحتى السؤال عن ماهية الفلسفة "ما الفلسفة؟" يعد سؤالاً فلسفيّاً قابلاً لنقاش طويل، وهذا يشكِّل أحد المظاهر الأساسية للفلسفة في ميلها للتساؤل والتدقيق في كل شيء والبحث عن ماهيته ومختلف مظاهره وأهم قوانينه. لكل هذا فإن المادة الأساسية للفلسفة مادة واسعة ومتشعبة ترتبط بكل أصناف العلوم وربما بكل جوانب الحياة، ومع ذلك تبقى الفلسفة متفردة عن بقية العلوم والتخصصات. توصف الفلسفة أحيانا بأنها " التفكير في التفكير " أي التفكير في طبيعة التفكير والتأمل والتدبر، كما تعرف الفلسفة بأنها محاولة الإجابة عن الأسئلة الأساسية التي يطرحها الوجود والكون.
شهدت الفلسفة تطورات عديدة مهمة، فمن الإغريق الذين أسّسوا قواعد الفلسفة الأساسية كعلم يحاول بناء نظرة شموليّة للكون ضمن إطار النظرة الواقعية، إلى الفلاسفة المسلمين الذين تفاعلوا مع الإرث اليوناني دامجين إياه مع التجربة ومحولين الفلسفة الواقعية إلى فلسفة إسمية، إلى فلسفة العلم والتجربة في عصر النهضة ثم الفلسفات الوجودية والإنسانية ومذاهب الحداثة وما بعد الحداثة والعدمية.
الفلسفة الحديثة حسب التقليد التحليلي في أمريكا الشمالية والمملكة المتحدة، تنحو إلى أن تكون تقنية بحتة تركز على المنطق والتحليل المفهومي. وبالتالي فإن مواضيع اهتماماتها تشمل نظرية المعرفة، والأخلاق، طبيعة اللغة، طبيعة العقل. هناك ثقافات واتجاهات أخرى ترى الفلسفة بأنها دراسة الفن والعلوم، فتكون نظرية عامة ودليل حياة شامل. وبهذا الفهم، تصبح الفلسفة مهتمة بتحديد طريقة الحياة المثالية وليست محاولة لفهم الحياة. في حين يعتبر المنحى التحليلي الفلسفة شيئاً عملياً تجب ممارسته، تعتبرها اتجاهات أخرى أساس المعرفة الذي يجب اتقانه وفهمه جيداً.



الفلسفة لفظة يونانية مركبة من الأصل فيلو أي محبّة وصوفيا أي الحكمة، أي أنها تعني محبة الحكمة وليس امتلاكاً لها [ تستخدم كلمة الفلسفة في العصر الحديث للإشارة إلى السعي وراء المعرفة بخصوص مسائل جوهرية في حياة الإنسان ومنها الموت والحياة والواقع والمعاني والحقيقة. تستخدم الكلمة ذاتها أيضاً للإشارة إلى ما انتجه كبار الفلاسفة من أعمال مشتركة.
إن الحديث عن الفلسفة لا يرتبط بالحضارة اليونانية فحسب، لكنها جزء من حضارة كل أمة، لذا فالقول "ما هي الفلسفة ؟" لا يعني إجابة واحدة. لقد كانت الفلسفة في بادئ عهدها أيام طاليس تبحث عن اصل الوجود، والصانع، والمادة التي اوجد منها، أو بالاحرى العناصر الأساسية التي تكون منها، وطال هذا النقاش فترة طويلة حتى أيام زينون والسفسطائيين الذين استخدموا الفلسفة في الهرطقة وحرف المفاهيم من أجل تغليب وجهات نظرهم، لكن الفترة التي بدات من أيام سقراط الذي وصفة شيشرون بانة "انزل الفلسفة من السماء إلى الأرض"، أي حول التفكير الفلسفي من التفكير في الكون وموجدة وعناصر تكوينة إلى البحث في ذات الإنسان، قد غير كثيرا من معالمها، وحول نقاشاتها إلى طبيعة الإنسان وجوهرة، والايمان بالخالق، والبحث عنة، واستخدام الدليل العقلي في اثباتة، واستخدم سقراط الفلسفة في اشاعة الفضيلة بين الناس والصدق والمحبة، وجاء سقراط وافلاطون معتمدين الاداتين العقل والمنطق، كأساسين من أسس التفكير السليم الذي يسير وفق قواعد تحدد صحتة أو بطلانه.
سؤال : "ما الفلسفة ؟" هذا السؤال قد أجاب عنه أرسطو. وعلى هذا فحديثنا لم يعد ضرورياً. إنه منته قبل أن يبدأ، وسيكون الرد الفوري على ذلك قائماً على أساس أن عبارة أرسطو عن ماهية الفلسفة لم تكن بالإجابة الوحيدة عن السؤال. وفي أحسن الأحوال إن هي إلا إجابة واحدة بين عدة إجابات. ويستطيع الشخص - بمعونة التعريف الأرسطي للفلسفة - أن يتمثّل وأن يفسر كلاً من التفكير السابق على أرسطو وأفلاطون والفلسفة اللاحقة لأرسطو. ومع ذلك سيلاحظ الشخص بسهولة أن الفلسفة، والطريقة التي بها أدركت ماهيتها قد تغيرا في الألفي سنة اللاحقة لأرسطو تغييرات عديدة.
وفي الوقت نفسه، ينبغي مع ذلك ألا يتجاهل المرء أن الفلسفة منذ أرسطو حتى نيتشه ظلت - على أساس تلك التغيرات وغيرها - هي نفسها لأن التحولات هي على وجه الدقة احتفاظ بالتماثل داخل "ما هو نفسه" (...) صحيح أن تلك الطريقة نتحصّل بمقتضاها على معارف متنوعة وعميقة، بل ونافعة عن كيفية ظهور الفلسفة في مجرى التاريخ، لكننا على هذا الطريق لن نستطيع الوصول إلى إجابة حقيقية أي شرعية عن سؤال: " ما الفلسفة ؟ " أما اليوم وبالنظر إلى ما هو متوفر من المعارف وعلى ما هو متراكم من أسئلة وقضايا مطروحة في العديد من المجالات إلى التقدم الذي حققه الفكر البشري في مختلف المجالات، فلم يعد دور الفيلسوف فقط حب الحكمة أو الذهاب إليها والبحث عنها بنفس الأدوات الذاتية وفي نفس المناخ من الجهل الهائل بالمحيط الكوني وتحلياته الموضوعية كما كانت عليه الحال سابقا، إن الفيلسوف الآن بات مقيداً بالكثير من المناهج والقوانين المنطقية وبالمعطيات اليقينية في إطار من التراكمات المعرفية وتطبيقاتها التكنولوجية التي لا تترك مجالاً للشك في مشروعيتها. في هكذا ظروف وأمام هكذا معطيات لم يعد تعريف الفلسفة متوافقاً مع الدور الذي يمكن أن يقوم به الفيلسوف المعاصر والذي يختلف كثير الإختلاف عن دور سلفه من العصور الغابرة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق